رواها 360: تعيد نشر الحكم الصادر عن الدائرة الدستورية العليا في المحكمة العليا اليمنية بعدم دستورية بعض مواد قانون السلطة القضائية

رواها 360:

في يوم الأحد بتاريخ 16 رجب 1434هـ الموافق 26 مايو 2013م عقدت الدائرة الدستورية جلستها العلنية بمقر المحكمة العليا برئاسة فضيلة القاضي/ عصام عبد الوهاب السماوي رئيس المحكمة العليا رئيس الدائرة الدستورية وعضوية كلًّ من:

الـقـاضـي/ محمد علي البدري   عـضـــو الدائرة الدستورية 
الـقـاضـي/ أحمد أحمد الخطابي  عـضـــو الدائرة الدستورية
الـقـاضـي/ أحمد سقاف بن سميط عـضـــو الدائرة الدستورية
الـقـاضـي/ محمد راشد عبد المولى عـضـــو الدائرة الدستورية
الـقـاضـي/ فيصل عمر مثنى عـضـــو الدائرة الدستورية
الـقـاضـي/ يحيى محمد الإرياني عـضـــواً منتدباً

وحضور الأخ / عبدالكريم راجح أبوحاتم أمين السر

أصدرت الحكم الآتي : في الدعوى الدستورية المتعلقة بعدم دستورية المواد (8/ب، 11، 16/ب، 34، 39، 45، 54، 59، 65/ب – ج – و، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 85/ب، 89، 90، 91، 92، 93، 94/3، 95، 97، 98، 99، 101، 104، 106، 109/و، 111/2، 115/2، 118/1، 143) من قانون السلطة القضائية برقم(1) لسنة 1991م والمقيدة بجدول الدائرة رقم(20/23) لسنة 1434هـ ق.د والمقدمة من كل من القضاة التالية أسماؤهم :
1) عضو النيابة/ عيسى قائد سعيد الثريب.
2) القاضي/ أحمد عبد الله مقبل الذبحاني.
3) عضو النيابة/ نبيل محمد علي الجنيد.
4) القاضي/ عادل عبده محمد العزاني.
ويمثل المدعين الثلاثة الأُول المحامي/ د. عبد الله سعيد الذبحاني.

ضــــــــــــــــــــد :
1) رئيس الجمهورية (بصفته).
2) مجلس النواب.
3) مجلس الوزراء.

(( الـوقــائـــــع والإجـــــــراءات ))
تتلخص وقائع هذه الدعوى بقيام كل من المدعين: عضو النيابة/ عيسى قائد سعيد محمد الثريب والقاضي/ عادل عبده محمد العزاني والقاضي/ أحمد عبد الله مقبل الذبحاني وعضو النيابة / نبيل محمد علي الجنيد برفع دعوى بعدم دستورية المواد (54، 59، 65/ب – ج، 67، 68، 69، 70، 89، 90، 91، 92، 94/3، 95، 109، 111/2) من قانون السلطة القضائية القضائية رقم (1) لعام 1991م وقد أقيمت الدعوى المصححة على سند من القول بأن المدعين قضاة عاملون في المحاكم والنيابات وهم في مراكزهم الوظيفية يخضعون لقانون السلطة القضائية فلهم صفة ومصلحة حالية مؤكدة واحتمالية مستقبلية في الإدعاء بعدم دستورية المواد والنصوص محل الطعن بعدم الدستورية كما أن الدعوى تستهدف حماية الشرعية الدستورية وكفالة السيادة والسمو لأحكام الدستور وذلك بإهدار المواد والنصوص القانونية المطعون فيها كونها مخالفة أو متعارضة مع الدستور.

وتتلخص أسباب الدعوى في الآتي :
1) عدم دستورية نص المادة(109)من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م من حيث إنها لم تتفق وصلاحيات مجلس القضاء الأعلى الدستورية المنصوص عليها في المادة (152) من الدستور التي نصت على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة ومن حيث مخالفتها نص المادة (149) من الدستور التي نصت على أن القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً. بينما أن المادة الطعينة قصرت صلاحيات مجلس القضاء الأعلى بمجرد إبداء الرأي في مشروعات ميزانية السلطة القضائية مما يعني نظرياً وعملياً قيام الحكومة بوضع موازنة القضاء، وهو ما يترتب عليه إنتزاع صلاحيات مجلس القضاء الأعلى والإطاحة بها إلى مجرد إبداء الرأي كما يجعل للسلطات الأخرى زمام الهيمنة المالية على القضاء بما يخالف مبدأ إستقلاليته.

2) عدم دستورية المادة (67) بشأن تفويض القانون للحكومة ورئيسها بتقرير بدلات إضافية وتعديل جدول المرتبات القضائية وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (162) لعام 2000م لإبتنائه عليها، وأسس المدعون هذا الوجه على أن المادة (67) تنص على أن: (تحدد المرتبات والبدلات لأعضاء السلطة القضائية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون ويجوز بقرار آخر من رئيس الوزراء بناءً على عرض وزير العدل منح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية غير ما ورد بهذا القانون، كما أنه يجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الجدول وفقاً لما تقتضيه الضرورة لتحسين معيشة الموظفين العموميين) وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (162) لعام 2000م بتاريخ 21/5/2000م تطبيقاً لهذا التفويض المخالف للدستور والمنتهك لمبدأ إستقلال السلطة القضائية: وظيفياً ومالياً وإدارياً وتم تطبيقه في تعيين وترقية ومرتبات ومكافآت ومعاشات القضاة، وأكدت الدعوى أن هذه المادة تخالف مبدأ فصل السلطة القضائية عن غيرها من السلطات وكذا مبدأ استقلال القضاء المقرر في المادة (149): القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والمادة (152)، وأضافت الدعوى أن وجه المخالفة شديد الوضوح وأن النصوص المتعلقة بتأسيس وتنظيم السلطة القضائية وردت في الدستور وموجهة إلى المشرع عند سنّهِ للقانون، وإختصاصه بإقرار القواعد القانونية إبتداءً هو في الحدود التي بينها الدستور فلا يخوله ذلك تجاوز إختصاص عَهِدَ به الدستور إلى السلطة القضائية وقصره عليها وإلا كان هذا إفتئاتاً على ولايتها وتقويضاً لإستقلالها.

3) عدم دستورية نص الإستثناء المتعلق بحظر الطعن على قرارات النقل والندب في نص المادة (101) التي تنص على أنه: (تختص الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها القضاة (1) بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤونهم وذلك عند النقل والندب متى كان الطلب منصباً على عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو إساءة استعمال السلطة…) وحق اللجوء إلى القضاء حق أصيل في الدستور، وصحيح أن للمشرع حق تنظيمه إلا أن ذلك مشروط بأن لا يصل ذلك التنظيم إلى مصادرة ذلك الحق أو الإنتقاص منه أو تضييقه بحيث لا يعود لذلك الحق معنى، فإن كان كذلك فإنه يقع في حومة عدم الدستورية.

4) عدم دستورية المواد والنصوص المتعلقة بوضعية ومركز وزير العدل في قانون السلطة القضائية مستدلاً بقول أحد الباحثين: (إن وزير العدل يتمتع بصلاحيات وسلطات تطال جميع شؤون العدالة والقضاة والنيابة العامة فلا يوجد شأن مهما صغر من الشؤون القضائية، إلا لوزير العدل فيه صورة من صور التدخل لأن إدارة أي عمل تعني التدخل في شؤونه المختلفة) وإننا – والقول للمدعين – أمام قانون وزير العدل وليس قانون السلطة القضائية، وقد عدَّد المدعون دور وزير العدل في تكوين وتشكيل وتسيير السلطة القضائية أو عضويته الكاملة في مجلس القضاء، وعدم صحة اجتماع المجلس إلا بحضوره وحقه في التصويت في المادة (104) التي جعلت وزير العدل عضواً كامل العضوية في المجلس المختص بشؤون القضاة والأدهى من ذلك ما تضمنته المادة (106): (أنه لا يكون اجتماع مجلس القضاء الأعلى صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه على الأقل ويجب أن يكون من بين أعضائه الحاضرين وزير العدل أو نائبه و… وتصدر القرارات بأغلبية الحاضرين) مما يجعل المجلس مرتهناً بوجود وزير العدل من عدمه ومن وراء ذلك السلطة التنفيذية أي جعل السلطة القضائية تحت رحمة السلطة التنفيذية وساق أيضاً شرحاً لدور وزير العدل في المحكمة العليا في المواد (11، 16/ب، 34) ودوره في المحاكم الاستئنافية والمحاكم الابتدائية في المادتين (39، 45) ودوره في التفتيش القضائي في المادة (92) مؤكداً أن تشكيل هيئة التفتيش القضائي بوزارة العدل وندبهم بقرار من وزير العدل، واطلاع وزير العدل على ملف صاحب الشأن يعني كل ذلك أن التفتيش وهو جزء من وزارة العدل التي هي جزء من الحكومة وبواسطة التفتيش والتقييم وتكوين الملف السري للقضاة والإطلاع عليه فإن الحكومة وأجهزتها الإدارية والأمنية لها اليد الطولى على وضع القضاة، كما هو لها في النيابة العامة من خلال وزير العدل كما بينت الدعوى دور وزير العدل في التعيين في نص المادة (59) التي تنص على أن: (يكون تعيين رئيس المحكمة العليا ونائبيه وقضاة المحكمة العليا بقرار من رئيس مجلس الرئاسة بناءً على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى وذلك من بين قائمة أسماء تتولى هيئة التفتيش القضائي إعدادها للعرض على المجلس مشفوعة بكافة البيانات وتقارير الكفاءة المتعلقة بمن تشملهم القائمة) وأنه يبدو ظاهراً من النص أن وزير العدل لا يتدخل في تعيين رئيس المحكمة العليا ونائبيه وقضاة المحكمة العليا وأنه بقليل من الروية في التفكير نجد أن القائمة التي تعد للإختيار من بينها تعدها هيئة التفتيش القضائي التي هي جزء من وزارة العدل، ووزير العدل هو من يندب رئيسها وأعضائها للعمل فيها وفقاً لنص المادة (92)، أما التعيين في وظائف السلطة القضائية الأخرى فيكون بقرار جمهوري بناءً على ترشيح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى…إلخ. وأنه بمطالعة القرارات الجمهورية الصادرة بشأن التعيين في هذه الدرجات القضائية لا نجد توقيعاً لرئيس مجلس القضاء أي أنها قرارات صادرة شكلاً وفعلاً عن السلطة التنفيذية بكل مكوناتها (الوزير ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية). وهذا يمثل تدخلاً سافراً في شؤون القضاء والقضاة ويمتهن إستقلالهما وحيادهما، وعن دور وزير العدل في حلف اليمين وفقاً لنص المادة (85/أ) والتي تنص على أن كل من يتولى وظيفة من وظائف السلطة القضائية يجب عليه قبل مباشرته لأعماله أن يحلف اليمين، ونصت الفقرة (ب) على أن: (يحلف رئيس وقضاة المحكمة العليا والنائب العام أمام رئيس مجلس الرئاسة بحضور وزير العدل… كما يؤدي أعضاء النيابة العامة الآخرون اليمين أمام وزير العدل بحضور النائب العام) مما يعني أن القضاة وأعضاء النيابة لن يستكملوا تعيينهم أويباشروا أعمالهم حتى يؤدوا اليمين بحضور وزير العدل أو أمامه، كما أوضحت الدعوى دور وزير العدل في نقل وندب القضاة وفقاً للمادتين (65/أ، 66) ودوره في الترقية وحركة التنقلات ودوره في التأديب وتحديد المرتبات والبدلات والإجازات وسرد المواد المتعلقة بذلك وهي المواد : (94، 62، 98، 83، 65/ب – ج، 91، 67، 68، 69، 70، 72، 73). كما بينت الدعوى دور وزير العدل في التبعية والإشراف القضائي والمالي والإداري والتنظيمي في المادة (89) التي تنص (… لوزير العدل حق الإشراف الإداري والمالي والتنظيمي على جميع المحاكم والقضاة… وللنائب العام حق الإشراف على أعضاء النيابة العامة..) على قول المدعين إنه إذا كانت المادة (54) تنص على أن: (يتبع أعضاء النيابة رؤساءهم بترتيب وظائفهم ثم النائب العام ثم وزير العدل) فإن وزير العدل بذلك يتولى تسيير القضاء (محاكم وقضاة ونيابات وأعضاء النيابات حتى النائب العام) مالياً وإدارياً وتنظيمياً، كما أشارت الدعوى إلى أن الدستور لم يرد فيه أي ذكر لوزير العدل أو وزارة العدل والمهام التي يقوم بها في الحكومة مؤكداً إنتماء وزير العدل (دستورياً) إنتماء عضوياً ووجودياً في السلطة التنفيذية وتبعيته الرئاسية والوظيفية لها وارتهان وجوده ووضعه بوجوده ووضعه الحكومي، ومن ثم رُهن وضع القضاء للحكومة من خلال دوره في قانون السلطة القضائية مما يؤكد عدم دستورية وضع وزير العدل في نطاق السلطة القضائية ويؤكد مخاطر بقاء الوضع غير الدستوري على حاله بالهيمنة القانونية والفعلية على القضاء والقضاة في كافة الجوانب القضائية والمالية والإدارية.
وساق في الدعوى بيان أوجه مخالفة النصوص والمواد المتعلقة بمركز وزير العدل في قانون السلطة القضائية بأن وجود وزير العدل بحسب هذه الوضعية فيه تعطيل تام للقضاء وأن وجوده يجسد تماماً التدخل في شؤون القضاء وتجييره وتظهيره لصالح الحكومة ويمثل كل ذلك مخالفة وتعارضاً مع عدة مبادئ ومواد ونصوص دستورية ومنها المواد (4، 149، 150، 151، 152، 136، 51) من الدستور النافذ.

واختتم المدعون دعواهم بالطلبات الآتية:
أولاً : قبول الدعوى شكلاً.
ثانياً : في الموضوع الحكم بعدم دستورية المواد والنصوص التالية من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م وتعديلاته :
1. الفقرة (و) من المادة (109).
2. المادة (67) وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (162) لعام 2000م.
3. عبارة (وذلك عند النقل والندب) في المادة (101).
4. عبارة (وزير العدل عضواً) في المادة (104).
5. عبارة (قرار من وزير العدل) في المادة (11).
6. عبارة (بقرار من وزير العدل) في المادة (16/ب).
7. عبارة (بقرار من وزير العدل) في المادة (34).
8. عبارة (يحدد بقرار من وزير العدل) في المادة (39).
9. عبارة (بناءً على اقتراح وزير العدل) في المادة (45).
10. عبارة (يصدر وزير العدل) في المادة (95).
11. المادة (97).
12. العبارات (تتولى هيئة التفتيش القضائي …. بناءً على ترشيح وزير العدل… فيكون تعيينهم بقرار من وزير العدل ….. بناءً على ترشيح وزير العدل …. بقرار من وزير العدل) في المادة (59).
13. عبارة (بحضور وزير العدل … أمام وزير العدل) في المادة (85/ب).
14. عبارة (بحضور وزير العدل … أمام وزير العدل) في المادة (65/ب،ج،و).
15. عبارة (بناءً على عرض وزير العدل) في المادة (66).
16. عبارات (تشكل بوزارة العدل… ويتم ندبهم بقرار من وزير العدل)في المادة (92).
17. عبارة (يخطر وزير العدل) في المادة (98).
18. العبارات (تبلغ صورة لوزير العدل، ويبلغ قراره لوزير العدل، ولوزير العدل حق تنبيه رؤساء محاكم استئناف الألوية والمحاكم الابتدائية) في المادة (90).
19. عبارات (لوزير العدل تنبيه القضاة ويبلغ قراره إلى وزير العدل) في المادة (91).
20. عبارة (بناءً على طلب وزير العدل) في المادة (111/2).
21. عبارة (يبلغ قرار مجلس القضاء الأعلى إلى وزير العدل بمضمون الحكم الصادر في الدعوى التأديبية) في المادة (115/2).
22. عبارة (قرار من وزير العدل) في المواد (68، 69، 70، 73، 72).
23. عبارة (لوزير العدل) في المواد (89، 54).
24. عبارة (أو بناءً على طلب وزير العدل) في المادة (118).
25. عبارة (بندب وزير العدل) في المادة (143).
26. عبارة (أو الأخرى لوزير العدل) في المادة (93) .
27. عبارة (وتقديم ما تراه من مقترحات في هذا الشأن لوزير العدل) في المادة (94/3).
28. عبارة (عن طريق وزير العدل) في المادة (99).

وقد رد ممثلوا وزارة الشؤون القانونية بالآتي :
1) أن نص المادة (109) الفقرة (و) المطعون عليها جاءت موافقة لنص المادة (152)
من الدستور التي أحالت إلى القانون مسألة تنظيم مجلس القضاء وتحديد اختصاصاته ولم يتعدَ النص القانوني على الدستور بإلغاء أو حذف أو إنشاء أي جديد مخالف لما قضى به الدستور، وهذا النص جاء موافقاً للواقع الدستوري الذي تنتهجه الدولة وهو إستمرار العمل بمبدأ أن الحكومة لا زالت مسؤولة عن أعمال القضاء أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب وأن المناداة بالإستقلال المالي الكامل يستلزم توافر المناخ والظروف المناسبة في الدولة لتطبيقه، إذ يلزم لتطبيقه إصلاحات وترتيبات كبيرة من أهمها إنشاء جهاز مالي يتبع مجلس القضاء يتولى إدارة هذه الميزانية مثل وزارة المالية وإجراء تعديل دستوري يتوافق مع هذه الفرضيات، وأن المقصود في كلمة (تمهيداً) التي تعني التأجيل والترتيب، كما أن المادة المطعون فيها موافقة لأحكام الدستور وبالأخص المواد المتعلقة بالموازنة العامة للدولة وهي المواد (62 – 85 – 88 – 137/ج) وأن الأخذ بمنطق رافعي الدعوى تعطيل لهذه النصوص إلى آخر ما جاء في الرد.
2) أن المدعين قد تعمدوا تحميل النص التشريعي ما لم يحتمله أو ينص عليه من حيث إنه لم يمنح صلاحية لرئيس الوزراء لتحديد المرتبات والبدلات، وأن الذي حددها هو القانون وفق جدول مرفق بالقانون وأن الإجازات الواردة في نص المادة التي خولها القانون لرئيس الوزراء بناءً على عرض وزير العدل بمنح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية هذه الإجازات واردة بناءً على إجازة أصلية من السلطة التشريعية التي لها الحق في تنظيم وإصدار التشريعات المتعلقة بالسلطة القضائية ولا وجود للمخالفة أو العوار الدستوري المزعوم في نص هذه المادة، وأن إجازة تعديل جدول المرتبات من قبل مجلس الوزراء لا يرى ممثل الشؤون القانونية أي عوار دستوري في هذا التشريع وأن الإجازة هذه للزيادة فقط وليس في حالة الإنقاص أو التقليل من جدول المرتبات إنطلاقاً من مسؤولية الحكومة على القضاء بإعتبارها الجهاز التنفيذي للدولة أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب. وأما بخصوص النعي بعدم دستورية قرار مجلس الوزراء رقم (162) لعام 2000م فإن ذلك الأمر يخرج عن إختصاص هذه الدائرة؛ كون القرار المطعون فيه هو قرار تنفيذي لنص تشريعي متعلق بمبدأ المشروعية وينعقد الإختصاص للفصل فيه للمحاكم الإدارية عن طريق دعوى الإلغاء.
3) أن هذا الطعن مردود عليه بسبق الفصل فيه مستدلاً بحكم الدائرة الدستورية
رقم (19/23 ق د) بتاريخ 2/3/2013م الذي اكتسب حجية على الكافة وفقاً لنص
المادة (234) مرافعات وأرفق صورة من الحكم.

4) أن ما تضمنته الدعوى عبارة عن شرح أكاديمي أو بحث علمي ولا يمكن أن يرقى
إلى مرتبة الطعن الدستوري مؤكداً أن وزارة العدل هي الجهاز الإداري التنفيذي المناط به خدمة أجهزة القضاء والعمل على تطويره وتحديثه بما يسهل أداء رسالته في إقامة العدل بين الناس وحماية حقوقهم المشروعة وتوفير كل الخدمات والتجهيزات المالية والإدارية لجميع المحاكم والقضاة العاملين فيها وكنتيجة طبيعية لمسؤولية الحكومة عن أوضاع القضاء فمن الطبيعي أن تمارس الحكومة مهامها في هذا المجال من خلال الوزارة ضمن تشكيلها وهي وزارة العدل على الوجه المبين في قانون السلطة القضائية والقوانين الأخرى وبمراعاة كل التكوينات المتصلة بشؤون خدمة القضاء من حيث الترشيح والتعيين والنقل والترقية والعلاوة والتفتيش وتشكل من قضاة ينتدبون بموافقة مجلس القضاء الأعلى بما فيها سلطة المناقشة والإقرار للأوضاع الوظيفية والتأديبية بحيث إن صلاحية وزير العدل وهيئة التفتيش القضائي معاً لا تصل حتى إلى إمكانية التوقيف ولو بصورة مؤقتة لأي قاض في أي محكمة حتى في حالة إرتكابه مخالفة جسيمة إلا بعد موافقة صريحة من مجلس القضاء الأعلى على ذلك، وهذا هو المفهوم العملي لإستقلال القضاء والترجمة العملية لنصوص الدستور في ظل الواقع الدستوري القائم على مسؤولية الحكومة أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب عن أوضاع القضاء.

5) أن التصورات التي أشارت إليها الدعوى في مسألة إنهاء كل مظاهر الإشراف الإداري والمالي والفني على القضاة لا بد من أن تنطلق من إدراك مسبق إلى أن الجهاز الإداري التنفيذي الذي يسعى رافعو الدعوى إلى أن يكون بديلاً لوزارة العدل لا بد أن لا يكون ممثلاً للحكومة ويفترض أن تنقل إليه أجهزة وزارة العدل كاملة لتكون جزءاً من بنيته الإدارية التنفيذية وأن وضع أي تصور بديل يعني إعفاء الحكومة من أي مسؤولية عن أوضاع القضاء سواء أمام رئيس الجمهورية أو مجلس النواب كما أن التصور الجديد لا يقوم على أساس مفهوم الإستقلال التام بين السلطات لإستحالة ذلك وإنهاء أي علاقة تعاون وتوازن بين سلطات الدولة مع السلطة القضائية، وأن ذلك يتطلب إجراء تعديل في بعض النصوص الدستورية التي تحمَّل الحكومة مسؤولية حماية حقوق المواطن وأن الفصل بين السلطات لا يعني غياب الرقابة خاصة أن إنعدام الرقابة والتعاون بين سلطات الدولة الثلاث سيؤدي إلى العزلة.
وأن صلاحيات وزير العدل ما هي إلا إجراءات كاشفة لما أقرّه أو وافق عليه
كل من مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ولأجل نفاذها نظمها القانون بآلية إصدارها من وزير العدل كإجراء تنظيمي لنفاذ هذه القرارات، وهو الأمر الذي لا يدخل في الدعوى الدستورية كون الإجراءات التنظيمية هي من صلاحيات المشرع وفقاً لما تقتضيه المصلحة، وأن تطبيق الإستقلال القضائي التام الذي ينشده المدعون للقضاء لا يرقى إلى عدم الدستورية للتشريعات المطعون فيها وإنما يكيف على أساس أنه نعي بعدم موائمة النص التشريعي مع النص الدستوري، الأمر الذي يخرج الدعوى بعدم الدستورية عن نطاق الرقابة الدستورية المناطة بها عدالة الدائرة الدستورية وأنه طالما أن هنالك مواداً دستورية تخول الحكومة الإشراف على كل ما يتعلق بالخزينة العامة للدولة أو الإجراء التنظيمي للدولة، وكل ما ورد فيه لفظ الدولة فإنه ينصرف إلى سلطات الدولة كلها بما فيها السلطة القضائية، ثم إختتم الرد بأنه للوصول إلى الغاية التي ينشدها المدعون فإنه يتطلب تعديلات دستورية وكذلك إصدار تشريعات تهيئ وتنشئ الأرضية والآلية القادرة على إستيعاب تقرير مبدأ الإستقلال التام وإنشاء جهاز قضائي قادر على إدارة هذه السلطة بما يكفل تحقيق الغاية المنشودة من هذا الاستقلال، وأن المطالبة بإلغاء هذه المواد أو عدم دستوريتها في ظل عدم التهيئة وقبل التعديلات الدستورية التي تمنع أي تدخل من الحكومة أو السلطة قول أو دعوة إلى الفوضى والإرباك وإهدار المصلحة العليا للدولة، وأنهى رده بطلب الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية وتحميل المدعين مخاسير ونفقات التقاضي واحتفظ بالحقوق القانونية في تقديم الردود والدفوع فيما يستجد.

وقد عقب المدعون على ذلك بتمسكهم بما جاء في الدعوى وأن ما يدحض الرد هو ما تضمنته اللائحة التنظيمية لمجلس القضاء الأعلى الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (17) لسنة 2006م وأن قرار مجلس الوزراء رقم (162) لسنة 2000م وإن كان لا يخالف قانون السلطة القضائية إلا أنهما معاً يخالفان الدستور فيكون الطعن عليهما بعدم الدستورية أمراً جائزاً وللدائرة الولاية بنظر مدى دستورية القرار بل ولها أن تقضي بذلك تصدياً بسقوطه لإبتنائه على النص التشريعي المخالف للدستور إلى آخر ما جاء في تعقيب المدعين.

كما تمسك المدعون على أن تنزل الدائرة قولها الفصل في شأن عدم دستورية المادة (101) بالفصل في مدى دستوريتها وأن جميع طلباتهم تندرج ضمن بنود وفقرات الدعوى بعدم الدستورية لما تتضمنه من تدخل وزير العدل والحكومة في شؤون القضاة من حيث التأديب والتقييم وفي الجوانب المالية والإدارية المتعلقة أو المترتبة على ذلك، وهي مما يتصادم مع نصوص وروح الدستور ومما يتسع له حق التصدي للقاضي الدستوري الذي نطمع أن تبادر الدائرة إلى (حقها في التصدي)… هكذا وردت… لما تبقى في قانون السلطة القضائية بمناسبة نظر هذه الدعوى.

(( حيثيـات الحكـم ومـنـطـوقــه ))
إن المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) وهي تؤكد أولاً: ثبوت الصفة للمدعين في رفع الدعوى بعدم الدستورية بإعتبارهم قضاة وأعضاء نيابة عاملين في السلطة القضائية. وقد اضطردت أحكام هذه المحكمة على أنه يكفي لتوافر المصلحة حال رفع الدعوى المبتدأة بعدم الدستورية أن يكون المدعي من المخاطبين بالنص التشريعي المدعى عدم دستوريته واحتمال وقوع الضرر عليه من جراء هذا النص من خلال إنتهاكه لحق من الحقوق المكفولة له بموجب الدستور، ومن الواضح أن ممثل وزارة الشؤون القانونية لم يعترض على صفة المدعين وتوافر مصلحتهم في الدعوى الدستورية وتبين أن المدعين قد سددوا الرسوم القضائية المقررة قانوناً.

وحيث إن الدعوى بعدم دستورية نص المادة (109) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م من حيث إنها لم تتفق وصلاحيات مجلس القضاء الأعلى الدستورية المنصوص عليها في المادة (152) من الدستور التي نصت على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة ومن حيث مخالفتها نص المادة (149) من الدستور التي نصت على أن القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً. بينما أن المادة الطعينة قصرت صلاحيات مجلس القضاء الأعلى بمجرد إبداء الرأي في مشروعات ميزانية السلطة القضائية مما يعني نظرياً وعملياً قيام الحكومة بوضع موازنة القضاء، وهو ما يترتب عليه إنتزاع صلاحيات مجلس القضاء الأعلى والإطاحة بها إلى مجرد إبداء الرأي كما يجعل للسلطات الأخرى زمام الهيمنة المالية على القضاء بما يخالف مبدأ إستقلاليته.
ولما كان هذا العوار واضحاً وجلياً فإن ذلك يقتضي إجابة المدعين إلى طلبهم بعدم دستورية المادة (109) الفقرة (و) فيما تضمنته من إنتقاص صلاحيات مجلس القضاء الأعلى الدستورية.

وأما قول ممثلي المدعى عليهم إن ذلك يقتضي توافر المناخ والظروف المناسبة في الدولة لتطبيقه مما يستلزم إصلاحات وترتيبات كبيرة، وإن المقصود بكلمة (تمهيداً) تعني التأجيل والترتيب فإن ذلك مجاف للواقع، فلفظة تمهيداً) الواردة في نص المادة (١٥٢) من الدستور تعني حتى إقرار الموازنة من مجلس النواب وليس التأجيل والترتيب، وأما توافر المناخ والظروف المناسبة فإن المحكمة العليا الدائرة الدستورية) وهي تعمل اختصاصها في رقابة دستورية القوانين يهمها إزالة أي عوار أو عيب دستوري يشوب النص القانوني الطعين، ويكون على السلطتين التشريعية والتنفيذية العمل على التطبيق الصحيح لنصوص الدستور فيما تصدره من قوانين أو تعديلها.

وفيما يتعلق بما تضمنته عريضة الدعوى من ادعاء بعدم دستورية المادة (٦٧) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة ۱۹۹۱م بما تضمنته من تفويض للحكومة ورئيسها بتقرير بدلات إضافية وتعديل جدول المرتبات القضائية وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (١٦٢) لسنة ٢٠٠٠ م لانبنائه عليها فإنه بعد اطلاع الدائرة الدستورية على هذا الوجه من الدعوى، تجده قد تأسس على سند من القول بمخالفة وتصادم المادة الطعينة مع الدستور متمثلاً بالمادة (١٤٩) منه التي نصت : القضاء سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا والنيابة العامة هيئة من هيئاته … إلى آخر النص).

بالإضافة إلى المادة (١٥٢) من الدستور ونصها : يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه، ويعمل على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقا للقانون ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة وأشار المدعون إلى أن وجه المخالفة شديد الوضوح، فالدستور هو صاحب السيادة في الدولة ومن ثم فإن قدرات الهيئات العامة التي ينشئها ويمنحها اختصاصها تدور وجوداً وعدما وسعة وضيقا مع الضوابط التي تحددها لها قواعد الاختصاص الواردة في الدستور …. الخ ومن ثم فالنصوص المتعلقة بتأسيس وتنظيم السلطة القضائية وردت في الدستور وموجهة إلى المشرع عند سنه للقانون وهو في الحدود التي بينها الدستور، فلا يخوله ذلك تجاوز اختصاص عهد به الدستور إلى السلطة القضائية وقصره عليها، وإلا كان ذلك افتئاتاً على ولايتها وتقويضا لاستقلالها.

وفي مواجهة ذلك جاء الرد من ممثلي وزارة الشؤون القانونية الذي تضمن منافحة عن نص المادة الطعينة، نافيا تضمنها منح صلاحيات الرئيس الوزراء لتحديد المرتبات والبدلات؛ كون القانون قد حددها وفق جدول مرفق بالقانون. وردا على تعييب المدعين لنص المادة المذكور من حيث إنها تضمنت تفويضا للحكومة ورئيسها فقد جاء الرد أنها الإجازة الواردة في النص القانوني المذكور التي خولها القانون الرئيس الوزراء بناء على عرض وزير العدل بمنح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية، فإنه يتبين أنه قد ورد بناء على إجازة أصيلة من السلطة التشريعية التي لها الحق في تنظيم وإصدار التشريعات المتعلقة بالسلطة القضائية وطالما أن القاعدة الدستورية قد أحالت تنظيم تلك المسائل إلى السلطة التشريعية فإنه لا وجود لتلك المخالفة أو العوار الدستوري.. لأنها قد أجازت المجلس الوزراء صلاحية تعديل جدول المرتبات لتحسين معيشة المشمولين به، والإجازة هذه هي بالزيادة فقط انطلاقا من مسؤولية الحكومة على القضاء باعتبارها الجهاز التنفيذي للدولة أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب. أما بالنسبة لما ورد في الدعوى بشأن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (١٦٢) لعام ۲۰۰۰م فإن ذلك الأمر يخرج عن اختصاص هذه الدائرة كونه قراراً تنفيذياً لنص تشريعي متعلق بمبدأ المشروعية تختص به المحاكم الإدارية عن طريق دعوى الإلغاء.

هذا وبعد إمعان الدائرة الدستورية فيما سبق إيراده، تجد لزاما عليها التنويه في شأن ما جاء على لسان المدعين من القول: إن الدستور هو صاحب السيادة في الدولة وإن قدرات الهيئات العامة التي ينشئها ويمنحها اختصاصاتها تدور وجوداً وعدما وسعة وضيقاً مع الضوابط التي تحددها لها قواعد الاختصاص الواردة في الدستور، وبالتالي فالنصوص المتعلقة بتأسيس وتنظيم السلطة القضائية وردت في الدستور وموجهة إلى المشرع عند سنه القانون، فلا يخوله ذلك تجاوز اختصاص عهد به الدستور إلى السلطة القضائية وإلا كان ذلك افتناتاً على ولايتها وتقويضاً لاستقلالها).

فمنطق السياق لا يخرج عن تفصيل لقاعدة سمو النص الدستوري باعتباره القانون الأساس والتي تفترض اتساق ما يصدر من تشريعات مع النصوص الدستورية النافذة عند صدور تلك التشريعات، وهذا قول واحد محل تسليم لدى كافة المشتغلين في الفقه والقضاء الدستوري، إلا أن منطق ما سبق ذكره في سياق دعوى المدعين يفترض أن النصوص الدستورية التي اتكأت عليها الدعوى وهما المادتان (١٤٩، ١٥٢) منه كانت نافذة حين قيام السلطة التشريعية ومجلس النواب بإقرار قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة ۱۹۹۱ م بيد أن هذا القول تعوزه الدقة، فالقانون محل هذه الدعوى صدر عام ۱۹۹۱م، والنصوص الدستورية – سند الدعوى – لم تكن قد وجدت في دستور دولة الوحدة الذي جرت المصادقة عليه من قبل السلطتين التشريعيتين في الشطرين في ٢١ أيار – مايو ۱۹۹۰م من قبل مجلسي الشعب والشورى، أما المادتان الدستوريتان – سند الدعوى – فقد كانتا وغيرهما وليدتا التعديل الدستوري بمعرفة السلطة التشريعية للجمهورية اليمنية مجلس النواب – في عام ١٩٩٤م الذي أصدر قراره بالموافقة على مبدأ التعديل في ٨/٤/۱۹۹۳م ثم أصدر قراره رقم (۱۲) لسنة ١٩٩٤م بالموافقة على إصدار التعديلات الدستورية، وقد اقتضى صدور القانون الطعين تغطية الفراغ التشريعي الناجم عن عدم وجود قانون ينظم هيئات القضاء وتوحيدها في مختلف المحاكم والنيابات إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية، وقد عنى دستور دولة الوحدة بالنص على إنشاء محكمة عليا للجمهورية وحدد بالمادة (١٢٤) منه اختصاصاتها ومنها ما ورد في الفقرة (۱) منها: الرقابة على دستورية القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات، غير أنه لم يكن متضمنا ما تضمنه التعديل الدستوري لعام ١٩٩٤ م من النص على استقلال القضاء قضائيا وماليا وإدارياً، بينما لم يطرأ أي تعديل لقانون السلطة القضائية محل الطعن فيما يتعلق بالأحكام المتعلقة باستقلال السلطة القضائية منذ صدور التعديل الدستوري في عام ١٩٩٤م حتى يومنا، ولما كان سمو النصوص الدستورية يقتضي أن لا يتصور التعايش بين نصوص دستورية ونصوص تشريعية أدنى منه تخالفه فالأصل أن توائم النصوص الأخيرة أحكامها مع النصوص الدستورية وأن تتسق معها بتعديل تشريعي وهو ما لم يتم، ومن ثم فإنها قد تكون محلاً لدفع فرعي أو دعوى مبتدأة بحسب الأوضاع إن أقيم الدليل على توافر العوار الدستوري فيها ومن ثم يصعب تفهم ما أورده المدعون من أن السلطة التشريعية التي أقرت القانون محل الدعوى قد افتأتت على ولاية السلطة القضائية وقوضت استقلالها.

هذا وبالعودة إلى ما جاء في رد ممثلي وزارة الشؤون القانونية على الدعوى، سواء ما تعلق بنص المادة (٦٧) من قانون السلطة القضائية محل الطعن في هذا الوجه من الدعوى أو بغيرها، نجده يتمحور في دفع الدعوى بعدم الدستورية المتمثل بما تضمنته المادة المذكورة من تفويض للحكومة ورئيسها بتقرير بدلات إضافية وتعديل جدول المرتبات القضائية وغير ذلك بقولهم إنه تم بناء على إجازة أصيلة من السلطة التشريعية طالما أن القاعدة الدستورية قد أحالت تنظيم تلك المسائل للسلطة التشريعية فلا وجود لتلك المخالفة أو العوار الدستوري؛ لأنها قد أجازت لمجلس الوزراء ذلك وأن هذه الإجازة هي بالزيادة لتحسين معيشة المشمولين به، معللين ذلك بأنه انطلاق من مسؤولية الحكومة على القضاء باعتبارها الجهاز التنفيذي للدولة أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب…. وبإمعان هذه الدائرة فيما سبق تجد أنه مجرد قول مرسل غير مستند إلى أي قاعدة مقررة بنص في الدستور. أما التعليل بأن ذلك انطلاق من مسؤولية الحكومة على القضاء باعتبارها الجهاز التنفيذي للدولة أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب. فإن هذا التعليل يفترض توسيع مساءلة الحكومة لا عن أعمالها أو أعمال الأجهزة التنفيذية التابعة لها فحسب، بل إلى شأن يتعلق بسلطة أخرى غير تنفيذية هي السلطة القضائية.

وهذا التعليل لا يتصادق الواقع معه في كافة الأنظمة الدستورية التي تعتنق استقلال القضاء الذي يختص بتوقيع الجزاءات على منتسبي مجلس القضاء الأعلى بحسب الصلاحيات المخولة له بنصوص دستورية نافذة بل إن هذا التعليل يتصادم مع نص دستوري هو المادة (۱۳۳) من الدستور التي حددت ماهية ونطاق مسؤولية رئيس الوزراء أو الوزراء أمام رئيس الجمهورية ومجلس النواب فوصفها النص المذكور بأنها مسؤولية جماعية وحدد نطاقها وزمامها بأنها مسؤولة عن أعمال الحكومة. فضلاً عن أن لفظ \” المسؤولية\” كمصطلح قانوني في التشريعات، كما أن مصطلح المسؤولية يفترض السلطة والقاعدة (حيث لا سلطة فلا مسؤولية).

والتفويض التشريعي الوارد بنص المادة (٦٧) محل الطعن شانه شان أي نص قانوني من السلطة التشريعية محكوم بالنصوص الدستورية. ويضحي محلاً للحكم بعدم دستوريته في هذه القضية من لحظة نفاذ النص الدستوري محل المخالفة.

أما في شأن ما جاء على لسان ممثلي وزارة الشؤون القانونية بأن الإجازة كانت بالزيادة لتحسين معيشة المشمولين به فإن الزيادة لا تعد عاصماً عن بحث دعوى عدم الدستورية أو الحكم فيها. وإن كان الحكم بعدم الدستورية لا يقوى على المساس بما ترتب عن النص الطعين من حقوق مكتسبة أو أوضاع قانونية مستقرة، وفي هذا ما يغني عن مناقشة قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (١٦٢) لسنة ۲۰۰۰م المنبني على المادة (٦٧) محل الدعوى، لأنه يأخذ حكم الفرع عن الأصل ولا تأثير لذلك في أية حقوق مكتسبة أو أوضاع قانونية مستقرة تمت بموجبه لحين صدور ما يخالفه من السلطة المخولة دستوريا المعبر عنها بمجلس القضاء الأعلى. هذا وبالنظر إلى استناد المدعين على المادتين (١٤٩، (١٥٢) من الدستور بعدم دستورية هذا الوجه من الدعوى، فإن المادة (١٤٩) من الدستور قد عرفت القضاء بأنه سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا. والمادة (١٥٢) منه قد أوجبت وبلفظ أمر .. يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه. وأناطت هذه المادة بالمجلس المذكور تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقا للقانون، كما قررت بأن يتولى دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة.. وبالنظر لما تقرر بالمادة (١٤٩) من الدستور من أن القضاء – كسلطة ضمن سلطات الدولة – يتمتع بالاستقلال المالي والإداري والقضائي مقروءة مع المادة (١٥٢) منه التي أناطت بمجلس القضاء الأعلى تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل، وهذه الصلاحيات الإدارية وردت حصرا وقصراً مناطة بمجلس القضاء الأعلى بما يقطع الطريق أمام إسنادها تشريعياً بقانون أو خلافه لجهة أخرى غير مجلس القضاء المذكور باعتباره مؤسسة دستورية ورد ذكرها في مادتين دستوريتين (۱۵۱) (۱۵۲) وأناط الدستور بهما وما رمى إليه لتحقيق الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية الذي كفلته المادة (١٤٩) منه، وهي التي أناطت بمجلس القضاء الأعلى تولي دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة.. ولا غضاضة في لفظ مشروع الموازنة، لأن إقرار مشروع الموازنة العامة على اختلافها بما فيها مشاريع الموازنات المستقلة من اختصاص مجلس النواب بمقتضى أحكام المادة (۸۸) من الدستور، وغني عن البيان أن المرتبات والبدلات وغيرها هي أحد مفردات مشروع أي موازنة، فيضحي جليا دون مراء أن ما ورد من تفويض للحكومة ورئيسها في المادة (٦٧) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة ۱۹۹۱م بتقرير بدلات إضافية وتعديل جدول المرتبات وما انبنى عليها من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (١٦٢) لسنة ۲۰۰۰ م وما استند إليه من عرض من وزير العدل مشوب بعوار دستوري، يستحيل التوفيق بينه وبين النصوص الدستورية سالفة الذكر وتقتضي الحكم بعدم دستوريتها؛ لأن فيها تجاوزاً لصلاحيات واختصاص مجلس القضاء الأعلى المنصوص عليه في الدستور على أن لا يترتب على هذا الحكم أي مساس أو إخلال بالحقوق المكتسبة أو بالأوضاع القانونية التي استقرت قبل صدور هذا الحكم ولاتحاد علة عدم دستورية المادة (٦٧) مع علة عدم دستورية المواد (٦٨ ٦٩ ۷۲۷۰ (۷۳) فإن هذه الدائرة تحكم أيضا بعدم دستورية المواد آنفة الذكر فيما قررته لوزير العدل من صلاحيات منح البدلات والعلاوات وتحديد الإجازة القضائية باعتبار أن ذلك يندرج تحت ولاية مجلس القضاء الأعلى كمؤسسة دستورية.

وأما عن عدم دستورية نص الاستثناء المتعلق بحظر الطعن على قرارات النقل والندب الواردة في المادة (۱۰۱) وأن المقصود بلفظ وذلك عند النقل والندب المقصود به (عدا النقل والندب كما تعمله الدائرة الإدارية، مما يجعل منه استثناء يحرم القاضي من لجوئه إلى قاضيه الطبيعي، بالإضافة إلى أن وزير العدل يهيمن على قرارات الندب والنقل بالمخالفة للدستور، وحيث إن النص القانوني المطعون عليه جاء على النحو الآتي: تختص الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها القضاة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤونهم وذلك عند النقل والندب متى كان الطلب منصبا على عيب في الشكل أو مخالفة للقوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو إساءة استعمال السلطة …. مما يعني أن المشرع قد حدد اختصاص الدائرة الإدارية بالفصل في دعاوى الإلغاء للقرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤون القضاة وعبارة عند النقل والندب تعني حصر وقصر اختصاص الدائرة الإدارية بالفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية التي يتقدم بها القضاة المتعلقة بأي شان من شؤونهم على وجه الخصوص عند النقل والندب بعد أن كان النص قد أعمل بما يجعل كل القرارات النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤون القضاة محلاً لدعوى الإلغاء لدى الدائرة الإدارية متى كان الطلب منصبا على عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو خطأ في تطبيقها أو إساءة استعمال السلطة، ويترتب على هذا النص تحصين أي قرارات إدارية نهائية من الطعن فيها أمام الدائرة الإدارية إن هي تعلقت بأحوال غير النقل أو الندب في العزل وخلافه فإن ذلك يؤدي في النتيجة إلى حرمان القاضي من اللجوء إلى القضاء خلافا للمادة (٥١) من الدستور التي تنص على أنه يحق للمواطن أن يلجا إلى القضاء الحماية حقوقه ومصالحه المشروعة … ) وحيث إن ممثل الدولة قد رد على دعوى عدم دستورية المادة (۱۰۱) بما يتضمن دفعا بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها من الدائرة الدستورية مستدلاً بالحكم الصادر من الدائرة برقم (۲۳/۱۹) بتاريخ ٢٠١٣/٣/٢م، وحيث ان ذلك الحكم قضى برفض الدفوع المحالة من الدائرة الإدارية إلى الدائرة الدستورية من ناحية الشكل مما يعني أن الدائرة الدستورية لم تفصل في شأن دستورية المادة (۱۰۱) أو عدم دستوريتها، وحيث إن الدستور قد كفل مبدأ حق التقاضي لكل مواطن وقرر القانون الجهة المعنية بنظر دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية، وهي الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا ورتب ذلك استبعاد ما عداها من القرارات من ولاية الدائرة الإدارية بما يقضي إلى تحصينها من الطعن عليها فذلك بعد انتهاكاً لحق اللجوء إلى القضاء المقرر دستوريا لكل مواطن، والمحكمة العليا (الدائرة الدستورية) إذ يتقرر لديها هذا العوار الدستوري الذي يحول دون لجوء القضاة إلى قاضيهم الطبيعي أما بشأن الدفع المبدى من ممثلي وزارة الشؤون القانونية من دفع بسبق الفصل في هذا الشق من الدعوى من الدائرة الدستورية في غير محله ذلك أن قضاء الدائرة لم يخلص إلا إلى الحكم بعدم قبول الدفع شكلاً ولم تخض الدائرة في الموضوع.

كما طعن المدعون بعدم دستورية المادة (١٠٤) من قانون السلطة القضائية وتعديلاته التي جعلت من وزير العدل عضواً كامل العضوية في المجلس المختص بشؤون القضاة وبالتأمل لنص المادة (١٠٤) الطعينة والتي تنص على : أن يشكل مجلس القضاء الأعلى على النحو الآتي: -١- رئيس مجلس الرئاسة رئيسا – وزير العدل عضوا رئيس المحكمة العليا عضوا . – النائب العام عضواً. – نائب رئيس المحكمة العليا عضوا – نائب وزير العدل. – رئيس هيئة التفتيش القضائي — ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم بقرار من مجلس الرئاسة على أن لا تقل درجة كل منهم عن قاضي محكمة عليا اعضاء. كما أن هذا النص قد تم تعديله لمرتين بالقانون رقم (١٥) لسنة ٢٠٠٦م وكذا بالقانون رقم (۱۸) لسنة ۲۰۱۲م، ونص المادة بعد التعديل الأخير على النحو الآتي: يشكل مجلس القضاء الأعلى على النحو الآتي: -1 رئيس مجلس القضاء الأعلى. – رئيس المحكمة العليا. ٣- وزير العدل – النائب العام ٥ رئيس هيئة التفتيش القضائي -٦- أمين عام مجلس القضاء الأعلى – ثلاثة قضاة يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح مجلس القضاء الأعلى على أن لا تقل درجة كل منهم عن قاضي محكمة عليا). وبهذا يتبين للمحكمة أن المادة (١٠٤) قبل التعديل قد نصت على عضوية وزير العدل المجلس القضاء الأعلى وإذا كان ذلك سائغا قبل تعديل الدستور الذي لم يكن ينص صراحة على أن القضاء سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا.

أما وقد تم تعديل الدستور وأقر مبدأ استقلال القضاء قضائياً وماليا وإداريا بالمادة (١٤٩) فإن التعديل الأخير الذي منح وزير العدل عضوية مجلس القضاء الأعلى فيه مخالفة لمبدأ استقلال القضاء وقد يتوهم أن مجرد عضويته للمجلس لا تؤثر في استقلال القضاء، غير أن المتأمل للصلاحيات التي حددها الدستور المجلس القضاء الأعلى في المادتين (١٥١، ١٥٢) ونظمها قانون السلطة القضائية في المادة (۱۰۹) قد اشتملت على أمور متصلة اتصالاً وثيقا في أداء المنتسبين للسلطة القضائية سيما فيما يتعلق بتعيينهم وترقيتهم وعزلهم ومحاسبتهم وتقاعدهم ونقلهم وتقييم نتائج التفتيش الدوري على أعمالهم وتحقيق الشكاوى التي تقدم ضدهم والنظر في الطلبات التي تقدم منهم، كل هذه الأعمال والصلاحيات التي يمارسها مجلس القضاء إنما يمارسها بمجموع أعضائه بما فيهم وزير العدل الذي سبق أن أشير في هذا الحكم إلى أنه يمثل الحكومة أي السلطة التنفيذية ويمارس هذه الصلاحيات باعتبار أن القانون في المادة الطعينة جعل عضويته عضوية كاملة، ولم يكن القانون محدداً عضويته لمجرد الحضور فقط دون أن يكون له حق في الاقتراح والتصويت بل إن له الحق في التصويت على جميع القرارات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى وذلك ما بعد تدخلاً من الحكومة في شؤون القضاء والقضاة بما يمثل انتهاكا للمبدأ الدستوري المتمثل في استقلال السلطة القضائية ولذلك تحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية بعدم دستورية المادة (١٠٤) فيما يتعلق بعضوية وزير العدل لمجلس القضاء الأعلى.

وعن عدم دستورية المادة (١٠٦) فيما تضمنته أن لا يكون اجتماع مجلس القضاء الأعلى صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه على الأقل ويجب أن يكون من بين أعضائه الحاضرين وزير العدل أو نائبه وأن ذلك يجعل المجلس مؤسسة دستورية ضمن السلطة القضائية مرتهنا بحضور وزير العدل ومن وراء ذلك السلطة التنفيذية، وحيث إن العوار الدستوري في هذه المادة بالغ الوضوح، ذلك أنها قد اعتبرت حضور وزير العدل أو نائبه في مجلس القضاء الأعلى شرط صحة يترتب على حضوره صحة الاجتماع وبالعكس يترتب على عدم حضوره عدم صحة الاجتماع ولو كان الحاضرون في الاجتماع يشكلون الأغلبية وحيث إن بقاء نص المادة (١٠٦) من قانون السلطة القضائية بالصورة التي جعلت من حضور وزير العدل أو نائبه شرط صحة لانعقاد اجتماع مجلس القضاء الأعلى بالمخالفة الصريحة لنص المادة (١٤٩) من الدستور فإن المحكمة العليا الدائرة الدستورية تحكم بعدم دستورية المادة (١٠٦) من قانون السلطة القضائية فيما تضمنته من اشتراط صحة انعقاد مجلس القضاء الأعلى بحضور وزير العدل أو نائبه. وعن عدم دستورية المواد (۱۱)، ١٦ / ب (٣٤) للدور الذي أنيط بوزير العدل في إصدار قراره بتحديد عدد قضاة المحكمة العليا بالتشاور مع رئيس المحكمة في تشكيل دوائر المحكمة العليا وتعيين رئيس وأعضاء المكتب الفني في المحكمة العليا بقرار من وزير العدل لمخالفة ذلك للمادة (١٥٢) من الدستور، وحيث تبين أن إسناد هذه الصلاحيات لوزير العدل في شأن المحكمة العليا بما مثل ذلك من سلب لاختصاص مجلس القضاء وهو أعلى هيئة إدارية في السلطة القضائية أنشأها الدستور في المادة (١٥٢) وحدد اختصاصاتها ومع تقرير الدستور في المادة (١٤٩) استقلال القضاء قضائيا وماليا وإداريا فإن بقاء هذه المواد الطعينة فيما أسندته لوزير العدل من التدخل في تحديد عدد قضاة المحكمة العليا والتشاور في تشكيل دوائرها وتعيين رئيس وأعضاء المكتب الفني بالمحكمة بالمخالفة للمادة (١٤٩) من الدستور التي نصت على استقلال السلطة القضائية قضائيا وماليا وإداريا ولذلك فإن المحكمة العليا (الدائرة الدستورية تحكم بعدم دستورية المواد (١١، ١٦ / ب (٣٤) فيما أسندته لوزير العدل من صلاحيات، والحال كذلك بشأن عدم دستورية المواد (۳۹)، ٤٥ (٨ / ب من دور لوزير العدل في تحديد عدد محاكم الاستئناف وشعبها وكذا عدد المحاكم الابتدائية ومراكز ونطاق اختصاصها وإنشاء محاكم قضائية ابتدائية متخصصة بالمحافظات، فتحديد عدد محاكم الاستئناف وشعبها وفقا للنص الطعين يكون بقرار من وزير العدل وتحديد عدد المحاكم الابتدائية وإنشاء محاكم قضائية ابتدائية متخصصة بالمحافظات يكون بناء على اقتراح منه وهو ما يخالف استقلال القضاء ويمثل افتنات على صلاحيات مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة العليا (الدائرة الدستورية) وهي تؤكد العوار الدستوري فيما أسند إلى وزير العدل في هذه المواد من قانون السلطة القضائية لمخالفة ذلك للمواد (۱۵۹ ۱۵۱ ۱۵۲) من الدستور تقضي بعدم دستورية المواد (۳۹)، ٤٥ ( ب) فيما أسندته من صلاحيات لوزير العدل على النحو الذي فصلناه.

وأما عن عدم دستورية المادة (۹۲) التي نصت على أن تشكل بوزارة العدل هيئة التفتيش القضائي وجعلت ولاية إصدار القرار بندب أعضاء الهيئة بقرار يصدر عن وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، ويتجلى العوار الدستوري في هذا النص من خلال اعتبار هيئة التفتيش القضائي ضمن الهيكل التنظيمي بوزارة العدل بما يحقق تبعيتها المباشرة للوزير وبالقدر الذي تعترف المادة الطعينة بدور مجلس القضاء الأعلى في الاختيار إلا أن هذا النص قد أناط سلطة إصدار القرار بالتشكيل والندب لأعضاء الهيئة بوزير العدل مما يشكل تعديا على سلطات مجلس القضاء الأعلى كمؤسسة دستورية وبدلاً من تحقيق تبعية هيئة التفتيش بالمجلس أضحت تحت سلطة رئاسية مباشرة لوزير العدل لاعتبارها أحد مكونات الوزارة وذلك ما يصادم الاستقلال الإداري المنصوص عليه في المادة (١٤٩) وبالبناء على ذلك عدم دستورية ما أسند لوزير العدل من صلاحيات ندب رئيس ونائب وقضاة هيئة التفتيش وكذا إصداره لائحة هيئة التفتيش القضائي المنصوص عليها في المادة (٩٥) وكذا اطلاعه على الملف السري للقاضي ومن ثم إخطاره الأعضاء السلطة القضائية بتقدير كفاءاتهم ومن حل دورهم ولم تشملهم الحركة القضائية لسبب غير متصل بتقارير الكفاءة لمخالفة كل ذلك للمادة (١٤٩) من الدستور.

وعن عدم دستورية المادة (٥٤) بشأن تبعية أعضاء ورؤساء النيابة العامة والنائب العام لوزير العدل لمخالفتها نص المادة (١٤٩) فإذا كانت النيابة العامة بنص المادة (١٤٩) من الدستور هي هيئة من هيئات القضاء فتضحي تبعية أعضاء ورؤساء النيابة العامة والنائب العام لوزير العدل مخالفة دستورية وعليه فإن المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) تحكم بعدم دستورية نص المادة (٥٤) من قانون السلطة القضائية فيما تضمنته من تبعية أعضاء ورؤساء النيابة العامة والنائب العام لوزير العدل.

وعن عدم دستورية المادة (٥٩) فيما يتعلق بتعيين رئيس المحكمة العليا ونائبيه وقضاة المحكمة من بين قائمة تتولى هيئة التفتيش القضائي إعدادها للعرض على المجلس. فإن ظاهر هذا النص – والقول للمدعين – أن وزير العدل لا يتدخل في ذلك غير أن تدخله يتمثل في تبعية التفتيش لوزارة العدل ووزير العدل من يندب رئيسها وأعضاءها. ولا ترى المحكمة العليا (الدائرة الدستورية أن هذا الطعن يجد سنده في بيان العوار الدستوري مع تقرير المحكمة العليا الدائرة الدستورية عدم دستورية تبعية التفتيش القضائي لوزارة العدل وأن الوضع الطبيعي الذي يناسب استقلال القضاء أن تمارس هيئة التفتيش القضائي اختصاصاتها تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى لارتباط اختصاصاتها بصلاحيات مجلس القضاء الأعلى، وحيث إن هيئة التفتيش القضائي في هذه المادة يتصل عملها بمجلس القضاء الأعلى بنص القانون دونما عرض أو اقتراح أو ترشيح من وزير العدل وهو ما يتفق مع استقلال هيئة التفتيش القضائي تبعاً للاستقلال القضائي المنصوص عليه في المادة (١٤٩) من الدستور : لكل ذلك تقرر المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) رفض دعوى المدعين بعدم دستورية المادة (٥٩) فيما يتعلق بتعيين رئيس المحكمة العليا ونائبيه وقضاة المحكمة العليا.

وحيث إن دعوى المدعين بعدم دستورية المادة (٥٩) لم تقتصر على ما سلف بيانه وإنما يدعون عدم دستوريتها فيما قررته بشأن التعيين في وظائف السلطة القضائية الأخرى فيكون بقرار جمهوري بناء على ترشيح وزير العدل بما فيهم أعضاء النيابة العامة وكذا تعيينه لمساعدي القضاة ومساعدي النيابة بقرار منه، وحيث إن العوار الدستوري واضح فيما جاء من إسناد الترشيح للقضاة وأعضاء النيابة وكذا التعيين للمساعدين إذ لا يخفى أن وزير العدل باعتباره ممثلاً للحكومة قد منح صلاحيات واسعة فلا يتصور تعيين القضاة وأعضاء النيابة إلا بناء على ترشيحه، ولما كانت المادة (١٤٩) من الدستور قد قررت استقلال القضاء قضائيا وماليا وإداريا الأمر الذي يعني أن ينفرد مجلس القضاء الأعلى بتعيين القضاة وأعضاء النيابة ومن ثم تعيين المساعدين، ذلك أن بقاء هذه الصلاحيات لوزير العدل في شأن التعيين لأعضاء السلطة القضائية يصادم استقلال السلطة القضائية ويُعد افتناتا ظاهراً على سلطات مجلس القضاء الأعلى. ولكل ذلك فإن المحكمة العليا (الدائرة الدستورية تحكم بعدم دستورية المادة (٥٩) فيما أسندته إلى وزير العدل بشأن ترشيح وتعيين أعضاء السلطة القضائية.

وبشأن عدم دستورية المادة (٨٥/ب) فيما قررته من حضور وزير العدل أثناء حلف رئيس وقضاة المحكمة العليا والنائب العام أمام رئيس الجمهورية، حيث جاء الطعن على عدم دستورية دور وزير العدل في حلف اليمين على نحو ما سلف وكذلك أداء أعضاء النيابة العامة اليمين أمام وزير العدل، وحيث إن العوار الدستوري فيما تضمنته الدعوى واضح وبين وعليه فإن المحكمة العليا الدائرة الدستورية تقضي بعدم دستورية المادة (٨٥ /ب) فيما تضمنته من حضور وزير العدل أثناء حلف رئيس وقضاة المحكمة العليا والنائب العام وكذا فيما تضمنته من حلف أعضاء النيابة أمام وزير العدل. وعن الطعن بعدم دستورية المادة (٦٥) – ب – ج – و) وكذلك المادة (٦٦) بشأن دور وزير العدل في النقل والندب، فالمادة (٦٥) تنص على : (أ- لا يجوز نقل القضاة أو ندبهم إلا في الأحوال المبينة في هذا القانون. ب- تصدر حركة تنقلات قضاة المحاكم الاستئنافية بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل بعد التشاور مع رئيس المحكمة العليا وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. ج- تصدر حركة تنقلات قضاة المحاكم الابتدائية بقرار من مجلس القضاء الأعلى بناء على عرض وزير العدل بالتشاور مع رئيس المحكمة العليا. و لوزير العدل عند الضرورة أن يندب أحد القضاة ولمدة لا تتجاوز ستة أشهر قابلة للتجديد مدة أخرى مماثلة في الحالات الآتية: ١- ندب أحد قضاة محاكم الاستئناف للعمل في محكمة استئناف أخرى. – ندب أحد قضاة المحاكم الابتدائية للعمل في محكمة ابتدائية أخرى. كما نصت المادة (٦٦) على أنه: (يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى ندب القضاة لشغل وظائف غير قضائية بموافقتهم ويحتفظ لهم بكافة الامتيازات). وقد اقتصرت الدعوى على الطعن بعدم دستورية دور وزير العدل في المواد السالف ذكرها وأن تقرير الحق لوزير العدل في ندب القضاة ونقلهم وكذا ندب أعضاء التفتيش القضائي يصب في صلب التدخل في شؤون القضاة الذي يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء المقرر وفقا للمادة (١٤٩) وهو ما يعني مخالفة هذه المواد للدستور فيما أسندته لوزير العدل بشأن نقل وندب القضاة ورئيس وأعضاء هيئة التفتيش القضائي، فالوزير يمثل السلطة التنفيذية وبقاء هذه المواد على هذا النحو مخالف للدستور صراحة ويمثل تجاوزاً لصلاحيات مجلس القضاء الأعلى المنصوص عليها في المادتين (١٥١، ۱۵۲) من الدستور ، لذلك تحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية بعدم دستورية المادة (٦٥ / ب – ج – و) والمادة (٦٦) فيما أسندتاه لوزير العدل بشأن نقل وندب القضاة. وعن دعوى المدعين بعدم دستورية المادة (٣/٩٤) بشأن دور وزير العدل في مراقبة سير العمل في المحاكم حيث نصت المادة الطعينة في الفقرة الثالثة على اختصاص هيئة التفتيش القضائي بمراقبة سير العمل في المحاكم وتقديم ما تراه من مقترحات في هذا الشأن لوزير العدل بلا خلاف في اختصاص هيئة التفتيش القضائي في مراقبة سير العمل في المحكمة غير أن تقديم ما تراه من مقترحات في هذا الشأن لوزير العدل هو ما يعيب عليه المدعون بعدم الدستورية، والمحكمة تؤكد أن هذه الفقرة من المادة الطعينة في قانون السلطة القضائية الصادر قبل إقرار الدستور النافذ تمثل عواراً دستوريا ذلك أن رفع التقارير إلى وزير العدل عن المقترحات نتيجة مراقبة سير العمل في المحاكم يؤكد اختصاص وزير العدل بمراقبة تلك المحاكم ومن ثم مباشرة إجراءات معينة تجاه القضاة العاملين فيها وهو ما يعد سلبا لصلاحيات مجلس القضاء الأعلى وليس للوزير أي صفة في ذلك باعتباره جزءاً من السلطة التنفيذية ومخالفة صريحة لاستقلال القضاء المنصوص عليه في المادة (١٤٩) لذلك تحكم المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) بعدم دستورية المادة (٣/٩٤) فيما قررته من رفع المقترحات من هيئة التفتيش القضائي لوزير العدل.

وحيث ادعى المدعون عدم دستورية المادة (۹۸) فيما قررته بشأن إخطار وزير العدل للقضاة بشأن تقدير كفاءتهم وكذا إخطار من حل دورهم في الترقية ولم تشملهم الحركة القضائية بسبب غير متصل بتقارير الكفاءة إلى آخر ما جاء في المادة، وتسويغ ذلك مرده إلى تبعية هيئة التفتيش القضائي كأحد مكونات وزارة العدل وضمن هيكله التنظيمي وقد سبق بيان عدم دستوريته، وبذلك تحكم المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) بعدم دستورية المادة (۹۸) فيما أسندته لوزير العدل من إخطار القضاة بتقدير كفاءتهم وكذا من حل دورهم في الترقية ولم تشملهم الحركة القضائية بسبب غير متصل بتقارير الكفاءة.

وأما ما جاء في دعوى المدعين بعدم دستورية المادة (۹۰) فيما قررته من صلاحيات لوزير العدل من حق تنبيه رؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وكذا فيما قررته المادة (۹۱) من حق وزير العدل تنبيه القضاة؛ ذلك أن منح وزير العدل حق تنبيه القضاة بحسب التبعية الكاملة لوزير العدل بل إن التنبيه إجراء تأديبي تقرر في قانون السلطة القضائية لرؤساء المحاكم على القضاة الذين يعملون في محكمتهم، كما أن القانون نص على التنبيه كعقوبة يوقعها مجلس القضاء كما أشار إلى ذلك المدعون ولما كان بقاء هذا النص بعد تكريسا لتدخل ممثل الحكومة وهو وزير العدل بتوقيع عقوبة إدارية على أعضاء السلطة القضائية وتنبيههم بل إيقاع العقوبة عليهم، وفي ذلك مخالفة وتعد على المبدأ الدستوري المقرر الاستقلال القضاء قضائيا وماليا وإداريا وفقا للمادة (١٤٩) وكذلك انتهاك لمبدأ عدم التدخل في شؤون القضاة والقضاء وتعد على اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المقررة في المادة (١٥٢) من الدستور ولذلك تحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية بعدم دستورية المادتين (۹۰، ۹۱) فيما أسندتاه لوزير العدل من حق تنبيه القضاة.

وعن دعوى المدعين عدم دستورية المواد (۹۰، ۲/۱۱۵، ۹۳ (۹۹) فيما أوجبته من إبلاغ وزير العدل بصورة من التنبيه الموجه إلى القاضي من رئيس المحكمة وكذا قرار مجلس القضاء الأعلى عن تظلم القاضي من ذلك التنبيه وإبلاغه بنسخة من قرار هيئة التفتيش القضائي من تقدير كفاءة القاضي ووجوب إرسال تظلم القاضي من ذلك التقدير عن طريق وزير العدل إلى مجلس القضاء الأعلى وكذلك إبلاغ وزير العدل بالعقوبة المقررة من مجلس القضاء الأعلى على القاضي يتبين من خلال هذه المواد أن من يقوم بالإجراء هي الجهة المعنية إما رئيس المحكمة أو التفتيش القضائي أو مجلس القضاء الأعلى وينبغي أن تكون هي المعنية بإبلاغ القاضي بذلك الإجراء وإرفاق كل ذلك في ملف القاضي غير أن صدور هذا القانون سابق للدستور النافذ كما بيناه في أكثر من موضع في هذا الحكم ويشفع للمشرع الإلزام بإبلاغ وزير العدل بما يطرأ على القاضي في أحواله الوظيفية وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بتنبيهه وتقدير كفاءته ونتائج تظلمه من كليهما أما وقد صدر الدستور النافذ الذي جعل السلطة القضائية سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا فإن بقاء هذه النصوص على حالها يمثل عواراً دستورياً، ولذلك ولكل ما سلف بيانه تحكم المحكمة العليا (الدائرة الدستورية بعدم دستورية المواد (۹۰، ۲/۱۱۵، ۹۳، (۹۹) فيما قررته من إبلاغ وزير العدل وعلى النحو الذي بيناه.

وأما بشأن عدم دستورية المادتين (۲/۱۱۱، (۱/۱۱۸) فيما يتعلق بإقامة هيئة التفتيش القضائي الدعوى التأديبية نحو أعضاء السلطة القضائية بناء على طلب وزير العدل في المادة (۲/۱۱۱) وكذا فيما يتعلق بإيقاف القاضي عن مباشرة أعمال وظيفته أثناء إجراءات التحقيق أو المحاسبة أو المحاكمة بناء على طلب وزير العدل، وفي كلا الأمرين يتبين أن هاتين المادتين قد منحنا وزير العدل وهو ممثل السلطة التنفيذية حق طلب إقامة الدعوى التأديبية وإيقاف القاضي أثناء ذلك وأثناء إجراءات التحقيق أو المحاسبة أو المحاكمة، وكما أشارت المحكمة العليا الدائرة الدستورية في أكثر من موضع إلى أن بقاء هذه المواد على ذلك النحو من منح هذه الصلاحيات لوزير العدل يمثل مخالفة صريحة لاستقلال السلطة القضائية وفقا للمادة (١٤٩) من الدستور ومخالفة المادة (١٥٢) من الدستور التي تحدد اختصاص مجلس القضاء الأعلى بتطبيق الضمانات للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل، ولما كانت السلطة القضائية مستقلة بذلك فإن تعليق إقامة الدعوى التأديبية ضد أعضاء السلطة القضائية على طلب وزير العدل وكذلك وقف القاضي عن مباشرة أعمال وظيفته يتعارض كلية مع استقلال القضاء ويجعل الممثل الحكومة صلاحيات خارج إطار الدستور واستقلال السلطة القضائية ولذلك تحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية بعدم دستورية المادتين (۲/۱۱۱)، (۱/۱۱۸) من قانون السلطة القضائية فيما أسندتاه لوزير العدل من طلب إقامة الدعوى التأديبية نحو أعضاء السلطة القضائية وكذا إيقاف القاضي عن مباشرة أعمال وظيفته أثناء إجراءات التحقيق والمحاسبة أو المحاكمة لتعلق ذلك باختصاص مجلس القضاء الأعلى دستورياً. وحيث ادعى المدعون عدم دستورية المادة (١٤٣) والتي نصها كالآتي: يشكل مجلس المساءلة في المحكمة العليا وفي كل محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية من أحد قضاتها ويختاره رئيس المحكمة لهذا الغرض ورئيس النيابة أو من يقوم مقامه والكاتب الأول، وفي حالة محاكمة الكاتب الأول أو المحضر الأول أو رئيس القلم الجزائي يندب وزير العدل من يحل محله في مجلس المساءلة ممن يكونون في درجته على الأقل). تبين للمحكمة أن صلاحيات وزير العدل في هذه المادة متعلقة بندب من يحل محل الكاتب الأول أو المحضر الأول أو رئيس القلم الجزائي في مجلس المساءلة وهؤلاء ليسوا من أعضاء السلطة القضائية وإن كانوا من منتسبيها من الموظفين الإداريين، ومجلس المساءلة يختص بمساءلة الموظفين الإداريين أيضا ولا شأن له بأعضاء السلطة القضائية قضاة وأعضاء نيابة، والموظفون الإداريون يخضعون لقانون الخدمة المدنية إلا فيما نص عليه قانون . السلطة القضائية، وحيث إن المدعين قد استندوا في دعواهم للصوص مواد الدستور خاصة المادتين (١٤٩، (١٥٢) اللتين تقررا مبدأ استقلال السلطة القضائية قضائيا وماليا وإداريا و اختصاص مجلس القضاء الأعلى بجميع شؤون أعضاء السلطة القضائية وليس منهم الموظفون الإداريون العاملون في المحاكم والنيابات، ولما كانت المادة الطعينة قد قررت لوزير العدل ندب من يحل محل الكاتب الأول في المحكمة العليا والمحاكم الاستئنافية والمحاكم الابتدائية وهم موظفون يتبعون إداريا لإشراف رئيس المحكمة يتعارض ذلك مع ما قرره قانون السلطة القضائية من حق الإشراف الإداري لرؤساء المحاكم وذلك ما يخرج عن اختصاص الدائرة الدستورية في رقابة دستورية القوانين، وتقرر المحكمة العليا (الدائرة الدستورية عدم اختصاصها في هذا الوجه من الدعوى المتعلق بالمادة (١٤٣) من قانون السلطة القضائية.

ومن حيث دعوى المدعين عدم دستورية المادة (۸۹) التي قررت لوزير العدل حق الإشراف الإداري والمالي والتنظيمي على جميع المحاكم والقضاة فإن العوار الدستوري أضحى على هذه الصورة واضحا، وصار النص الطعين يخالف النص الدستوري في المادة (١٤٩) لفظاً ومعنى، فالدستور قد قرر استقلال القضاء قضائيا وماليا وإداريا بينما يقي نص المادة (۸۹) من قانون السلطة القضائية يعطي حق الإشراف المالي والإداري لوزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية، وبناء على ما سلف فإن المحكمة العليا (الدائرة الدستورية تحكم بعدم دستورية المادة (۸۹) فيما أسندته لوزير العدل من حق الإشراف الإداري والمالي والتنظيمي على جميع المحاكم والقضاة.

)منطوق الحكم )

ولكل ما سلف بيانه حكمت المحكمة العليا الدائرة الدستورية بما يلي :
(1) قبول دعوى المدعين عيسى قائد الثريب ونبيل محمد علي الجنيد وأحمد عبد الله مقبل الذبحاني وعادل عبده محمد العزاني شكلاً.
(2) عدم دستورية الفقرة (و) من المادة (109) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م.
(3) عدم دستورية المادة (67) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م بشأن تقرير البدلات الإضافية وتعديل جدول المرتبات القضائية وما ترتب عليها وفقاً للحيثيات الواردة في هذا الحكم.
(4) عدم دستورية المادة (101) من قانون السلطة وقصر لما يقبل التظلم فيه من شؤون القضاة في أحوال معينة ووفقاً للحيثيات الواردة في هذا الحكم.
(5) عدم دستورية المواد (۱۱ ، ١٦ / ب ٣٤ ، ٣٩ ، ٤٥ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ٦٥/ ب – ج – و ، ٦٦، ۹۷ ، ٩٥ ،۳/٩٤ ، ۹۳ ، ۹۲ ، ۹۱ ، ۹۰ ، ۸۹ ٨٥ ، ۷۳ ، ۷۲ ، ۷۰ ، ۱۹ ، ۱۸ ، ۱۷ ، ۹۸ ، ۹۹ ، ۲/۱۱۱، ١٠٤، ۱۰٦ (۲/١١٥ ، ۱/۱۱۸) فيما أسندته من صلاحيات لوزير العدل على النحو المبين في حيثيات هذا الحكم.
(6) عدم اختصاص الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بنظر الطعن على المادة (١٤٣) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة ١٩٩١م.
(7) يكون لهذا الحكم أثره المباشر ولا تأثير له في الأحكام القضائية والحقوق المكتسبة والمراكز القانونية المستقرة والأوضاع السابقة على نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية.
(۸) لا حكم في المصاريف القضائية.
(9) ينشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية

هذا ما ظهر وبه حكمت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا والله حسبنا ونعم الوكيل.

صدر بالمحكمة العليا الدائرة الدستورية بتاريخ يوم الأحد ١٦ رجب ١٤٣٤هـ الموافق ٢٦ مايو ٢٠١٣م

رئيس الدائرة الدستورية القاضي / عصام عبد الوهاب السماوي
عضو الدائرة القاضي / محمد راشد عبد المولى

عضو الدائرة القاضي/ أحمد سقاف بن سميط

عضو الدائرة القاضي / أحمد أحمد الخطابي

عضو الدائرة القاضي / محمد علي البدري

عضو الدائرة (بالإنتداب) القاضي / يحيى محمد الإرياني

عضو الدائرة القاضي / فيصل عمر مثنى

أمين سر الدائرة عبد الكريم راجح أبو حاتم

\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"
\"\"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى